الأحد، 5 مارس 2017

خاطرة - سُعالٌ أصاب أذُنِي




على غير هوى من المستقلين لتلك السيارة، أشعل سائقها مذياعه على موسيقى سَمِجة تأباها النفس السويّة، ولمّا لم يترك لي السائق فرصةً لأقرأ ما بين يدي من وريقات.

ووجدتُنِي لا بد سامعًا اخترتُ أن أكون مستمعًا متأملًا لتلك الكلمات التي أخذت مني مجهودًا مُضنيًا لاستِيضاحِها واستخلاصها من بين شفتي قائلها، فخُيِّل إليَّ مَيكروفون من نوع فاخر تتقدمهُ شبكةٌ رقيقة ويقف أمامه شابان في مقتبل العمر، يرتديان ملابس مختلّة النسق موافقة لآخر (موضة)، وقَصة شعر هي أدعى إلى النفور منها إلى الإعجاب يحجبان أسماعهما عن الكون بسمّاعة ثنائية الجهة، يتهاذيان بكلامهما الساقط وإني لألمسُ جُهدًا ليس بالهيّن لإخراج هذا المنتج الذي يُعجّل بسقوط مجتمعنا في هاوية الأخلاق المرذولة، وأخرجني من خيالاتي صوتٌ صاخب ناتج عن (مهرجان) بدأ لتوّه، وخِلتُ الكلمات تُكتب أمامي وأقرأها فاشمأزت نفسي لوضاعة اللفظ والمعنى، وتذكرتُ ذلك الشاب الذي زارني يومًا متقلّدًا أسورة جلدية ولباسًا ضيقًا يُبرز جُلّ عضلاته وقال لي بلهجة حماسية: أريدك أن تكتُبَ لنا أغنية.

وتلقيتُ كلماته على مضض لما عهِدتُ في نفسي من اجتناب للموسيقى وأخَواتِها، ثم استحيتُ أن أقابل حماسته بفتور فاجتهدتُ أن أُظهر اهتمامي فأجبته متسائلًا وقد اتسعت حدقتاي، وبدَت على وجهي شبه ابتسامة: وأيُّ نوع من الأغاني تمارس؟

قال لي وقد تهللّت أساريره: المهرجانات، ألا تعرِفُها؟!!

فأصابتني كلمتُه في مقتل، وما استطعتُ أن أخفي ما بداخلي من حنق، وأنا الذي لم آلُ جُهدًا في اخفائه فقلت بفتور: أعرفها، ولا أكتبها.

لقد آذى ما وُهِبتُ من حَسَن الكلام، وأراد أن يُلقي بنا سويًا إلى حيث لا أحب أن أذكر. 

تُرى أأحسنتُ صنيعًا؟ هل يتقبل الله سعيي على أنه حُسن شكرٍ لما أفاض وأنعم؟

ولعلّ في كلماتي التي بين يديك سعيٌ مني لإخماد هذا النوع المنحدر من الأغاني، وإن كُنت لا بد مستمعًا فارْقَ بنفسك عن هذه البوتقة.

إعداد/ محمد ريان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق