الاثنين، 12 فبراير 2018

مقال - الخوف



الخوف أهو مرض عضوي أم شعور ذهني أو شخص سلبي في محيط حياتنا أو ربما وسواس قهري أم ماذا؟
 يبدو ضروريًا في بعض الأحيان لنبتعد عن الأمور السيئة والخطيرة، للحفاظ على أرواحنا وأجسادنا من التهالك كسباق السيارات فوق المنحدرات أو الخوض في علاقات شخصية  تنهكنا من الداخل.
ويكون مؤذي ومضر في أوقات كثيرة كالخوف من عدم اجتياز الامتحانات فلا ندرس، وعندما نهاب آبائنا وأمهاتنا فلا نصادقهم، ولا نقيم علاقات ودية معهم؛ رعبًا من أن ينهالوا علينا بأحاديثهم التي تقع على نفوسنا كالسوط على الجلد!

فكيف نتخذه سلاح ذو حدين كما يقال؟
أرى أن الجهد الأكبر يقع على الوالدين في نشأة الخوف، كيف يقومان صغيرهما، والطريقة التي يعهدان إليها في تعريفه بالأشياء من حوله، كثير من الآباء ينسون أنهم يتعاملون مع بذرة تحتاج إلى الهواء النقي والماء النظيف، يضعان غطاءًا على هذه النبتة إذا ما بدأت تزهر؛ خوفًا من الحرارة شتاءًا وصيفًا، وهذه الحرارة هي ما يمر به الإنسان من ضغوطات وعواقب في دنياه، فيحملانها عنه بدون وعي، سنوات تمر على هذا الوضع ولا يعلم الصغير ماذا يجري خارج غطاءه، ولا يشعر سوى بحرارة خفيفة وإضاءة خافتة، ولا يدرك ماهية الحياة الحقيقية، وكلما اشتدت الريح أصبح الغشاء أغمق لونا، لكن الأغصان تزداد وتكبر وتحتاج إلى التمدد، ونور الشمس لتلقي التغذية السليمة، فيضيق الغطاء الحراك عليها، فيحين الوقت ليُرفع، لكنه لا يلقى استجابة فيتحول الضغط إلى الداخل، فيشرخ غصن ويليه آخر تهشمت أجزاءه، وبمقابل كل غصن كُسر يُقتلع جذر من الشجرة نعم سارت البذرة شجرة!
 هكذا يحدث في علاقة الابن بوالديه يحاولون إخفاءه و إخافته من كل ما حوله لأمر أجهله ويجهله!
ربما في مخيلتهم  تكون هكذا التربية، في إبعاده عن الألم، ومكابدتهم وحدهم في البيت والعمل، وتركه يلهو ويحفظ طاقته لشبابه؟!
 وإذا حان وقت خروجه للعالم يخرج معصوب العينين والعقل والقلب لا يفقه شيئًا.
فالحياة سريعة وصعبة للغاية تحتاج القوي الصلب الذي يقف بثبات، لكنه هش محطم من الداخل، كلما حاول أن يتعلم أمرًا جديدًا قوبل بالرفض والكبت.

ليأتي بعد ذلك دور المدرسة في زرع الخوف والجبن من خلال المدرس، الذي يتعامل مع تلاميذه بملامح تنضح بالخوف، وتهديد ووعيد لمن يتحدث مع من بجواره، ولمن لم يقم بأداء واجبه، وأصدقاء المدرسة يهولون الأمور، ولا يتفوهون سوى بالكذب فتمتلئ روح الصغير بالخوف.

فلنعتبر الخوف مائة واحدة، تكون الأسرة نصيب الأسد منها خمسون، ويكون الجزء الباقي المدرسة والأصدقاء والإعلام .
لا أعلم جيدًا ماذا يطلق علماء النفس على الخوف، لكني أصفه بشخص قبيح الشكل والمنظر، يقف أمامك عائقًا للحياة الكريمة، ويسرق من وقتك الكثير، ويذهب بك إلي مخاض الواقع دون أن تعد العدة للألم.
الآن يعيش الصغير الذي أصبح كبيرًا على ما رُسخ في عقله وما وصله من الرسائل، ربما لا يدرك أن الخوف متحكم في أفعاله وتصرفاته، وعمره أيضًا الذي يذهب هباءً دون انجازات.

ذكرت سابقًا أن الإنسان في بداياته كالبذور، إذا ما لاقت الدعم الفعلي الصحيح والرعاية السليمة، شقت طريقها غير آبهة بما تلقى من أشواك، ويحدث ذلك بأبسط الأمور كقراءة بعض الكتب، والمشاركة في دورات فعلية عن ماهية التربية السليمة التي تنشئ إنسان سويًا نفسيًا وجسديًا.

فإذا ما جئت بطفل للدنيا وأنت لا تعرف كيف تربيه، ولا تُلقي بالًا له كما ينبغي،  تلك أنانية!  لن يغفرها لك أطفالك كما لم نغفر نحن لآبائنا!

أما عن أولئك الذين تمكن الخوف منهم، وتتآكل قلوبهم وأرواحهم جزئيًا، وتضمحل أعمالهم، وتختفي أحلامهم في عالم خفي لا نعلم له طريق، ماذا عنهم؟!
فإليكم حديثي، سواءً كان الخوف شعورًا، أو وسواسًا، يا صديقي ينبغي أن تواجه وحدك فقط، أنت من يستطيع أن توازنه وتجعله في صفك في كل أمورك.
 أنفض هذا التراب من على ثيابك، ابدأ طريقك بنفسك، امنح القوة لقلبك، وستجد الطريق ممهدًا أمامك، لا تفكر كثيرًا في ماذا سيحدث إن فعلت هذا أو ذاك، لا تخف فقط تحرك، اطلب المساعدة إن شئت من صديق أو طبيب نفسي، فليس هناك عيبًا أبدًا في طلب المساندة.


إبداع الكاتبة\ صفية محمد

الأحد، 11 فبراير 2018

قصة قصيرة - لِمَ





إنها الثالثة فجرًا، شتاء يوم الثلاثاء، تتخبط الشبابيك من شدة الرياح، والأغطية التي يتلفح بها الصغار للتدفئة، تكاد تشبه الجليد..
صوت صراخ، ومشادات تسمعه نور.. الابنة الكبرى البالغة من عمرها تسع سنوات، تفتح عينيها، فتقوم لتغلق الشبابيك.. وتذهب لتعيد الغطاء على جسد أخيها عمر الذي دائمًا ما يزيحه من عليه أثناء تقلبه في النوم، تفتح باب الغرفة وتمشي في طرقة منزلهم البالي بخطوات أشبه بالهمس، فتجد مشهدًا يجبرها على التسمر..
تُصفع أمها على خديها فتسيل الدماء منه، فتنزل دموعها وتصرخ داخلها بلا صوت..
ومضت ذات التسع سنوات، تجاه والدها تحاول أن توقفه.. لكنه وبلا رحمة ألقاها أرضًا.. وبعدما كان ممثل الأبوة هذا يمسك والدتها بإحكام شديد، فجأة ضعفت أعصابه وتركها من يديه، ضمت الأم صغيرتها، وخرج الأب من المنزل تتبعه نظرات ابنته التي داخلها كل الأسى والملامة..
تسع سنين وتعرف كل شيء.. نعم العمر ماهو إلا كذبة.. الطفل الرضيع يضحك لك إن رآك مبتسمًا تداعبه، ويبكي إن بدلت ملامحك بالغضب..

كانت نور تعرف أن والدها قاسٍ، كانت تحبه جدًا رغم ذلك فهو أبوها، كل ما ودت أن تعرفه هو لِمَ يفعل كل ذلك؟!
لِمَ يهين أمي لهذه الدرجة؟! لِمَ يسلبها قهرًا حقها في أن تكون سعيدة؟!

لم تعرف نور جوابًا لأسئلتها.. ومضت السنون.. كبر فيها الصغار والأهل وتغير كل شيء، إلا إهانة والدها..
الأم دومًا مصدر الرحمة والنور، هي السعادة التي لا تُشترى..والمسمى الذي بناءًا عليه تطلق كل تعاريف الحنان والمحبة..
كانت تحتمل وجع الأيام وذلها فقط لأجل هذين الصغيرين.. وليس لها دون بيت زوجها مكان،  زُوجت وهي ابنة  اثنين وعشرين عامًا لم تحظ بفرصة لإكمال دراستها، ليس لديها أي حرفة يمكن بها أن تأتي بدخل يُسهل حياتها.. أهلها جميعهم ليسوا هنا.. تركوها وكأنها سلعة رخيصة تم بيعها..
 ومن الجلي أن والد نور يستغل لصفه كل ذلك، فيتمادى في جرح والدتها..

أصبحت نور شابة جميلة ،شعر غجري أسود، عيناها بنيتان، وبشرتها سمراء ساحرة.. في يومها الأول في الجامعة، هي تدرس الإعلام.. تود لو تستطيع أن تكون لسان كل امرأة مغتصبة حريتها.. همها الأول والأخير الدفاع عن حقوق المرأة..
ولكن كانت دومًا في حالة من الحيرة، لِمَ أمي صامتة على إهانة أبي كل تلك السنين؟! ماذا فعلت لتُهان بهذا الشكل المقرف؟!
رأفتها بوالدتها منعتها من السؤال، خوفها من أبيها أجبرها على الصمت..
هل ياتري مجتمعنا العربي يسمح للرجل بإهانة المرأة فقط لكونه يملك المال والسكن "والسترة"؟
كانت تلك الشابة الطموحة المليئة بالحماس، تود لو أن تعرف كل أجوبة تلك الأسئلة.. كلما كانت ترى والدتها تبكي، تضمها لصدرها بحنان ثم تخبرها
"متزعليش يا امي،كلنا في مركب واحدة "..
 لتجيبها بصوت يرتعش"بس اللي بيقدف في المركب، غير اللي قاعد فيها مرتاح.."
لزمت الصغيرة وأمها الاستغفار.. فهو الحل الوحيد لكل تلك الأزمات السخيفة المعقدة

و في يوم مرضت والدتها مرضًا شديدًا يتطلب من نور الجلوس بجوارها، وترك الجامعة لفترة حتى تطمئن على والدتها..
اشتد المرض، كانت الأم تدرك أنها النهاية، ولكن الصغيرة تأبى تصديق ذلك..
طلبت منها أن تحضر لها شيئا من داخل خزانتها..
وجاءت نور بمذكرة، أوراقها بالية والدموع الجافة ظاهرة على الأحرف.. قالت
"عديني ألا يتغير شيئًا.. وألا تقرأي تلك الكلمات إلا بعد رحيلي.."
صمتت نور ووعدت أمها، رغم أنها فتاة مجادلة بطبعها كثيرة الأسئلة، لا تبرح حتى تعرف.. ولذلك هي كتلة من النشاط، الأولى في جامعتها، رئيسة اتحاد الطلاب، تلعب على البيانو أيضا، وفازت بعدة مسابقات دولية..

هل يعرف المرء نهايته؟ هل تُكشف له في الدقائق الأخيرة كل الخفايا؟! هل يُزاح من عليه وشاح الجهل ويرى الحقيقة؟!
نعم، كل ذلك يحدث، عرفت والدة نور نهايتها، أحست بذلك ،رغم ترددها في إعطاء نور المذكرة إلا أنها فعلت في النهاية..
كانت بين خيارين أحلاهما مُر..
رحلت والدة نور، لم يخيم الحزن على البيت، كان هو  الأساس منذ البداية.. لم تستطع نور أن تعبر عن حزنها، تماسكت لأجل أخيها عمر.. ولأول مرة في حياتها ترى دموع والدها.. كأن رحيلها صدمة.. واستهزاء بوالدها لكونه لا يعترف أن لكل شيء طاقة  قد تنفذ، حتى الجماد له أعمار افتراضية.. 

قلبت نور في الوريقات الأولى، لتجد أن والدتها غُصبت على الزواج، ورغم ذلك صارت على نهج التقاليد، غير أن زوجها كان يهينها بشتى الطرق، تزوج عليها.. ولم تستطيع أن تعترض، نور في الحقيقة ليست ابنتها... نور ابنة زوجته الثانية التي ماتت قهرًا أيضا. فوالدها تركته أمه بلا سبب ، لذا قرر أن ينتقم من نساء الدنيا.. حكاية أشبه بالأفلام الهندية ولكنها الحقيقة المرة..

والدها مريض، يأذي روحه قبل الآخرين.. عليها أن تكون بجواره ولا تكرهه، عليها أن تكون ابنة بارة ،تغير مفهومه عن النساء،عليها ان تجعله يؤمن بوجود الأسباب..

إبداع الكاتبة\ ياسمين محمد

الأربعاء، 7 فبراير 2018

خاطرة - عهد الأصدقاء




هناك الكثير من العلاقات التي نتوسم فيها الخير، نتمنى أن تبقى كما هي بكل الحب الموجود بداخلنا، بكل السعادة التي نشعر بها فى ظل رحاب ذلك الصديق، ذلك الذى يعطينا الحب والأمل والسند والسعادة وكل معنى جميل تعنيه علاقتنا به، نظن أن الوقت سيمر كما هو بدون أى أمواج تعكر صفو هذه العلاقة....
حتى يحدث شيء بسيط أو ربما معقد وهنا نشعر بالألم، وكأن دروب الدنيا جميعها تضيق علينا، بالخوف وعلى الارجح نشعر بفقدان الأمان التام، لم نتوقع منه أن يصيبنا بالألم والأذى، ولم نتوقع أى سوء تمر به علاقتنا، فهل كانت من البداية خطأ، أم كان اختيارنا خاطئ، أم نحن لا نستحق وجودهم، ماذا حدث..؟؟؟

نسير هنا وهناك ويعصف الألم بدواخلنا، ويهلك قلوبنا، ويعاودنا السؤال مرة أخرى: لماذا يا صديقي...؟
إلى أن جاء لخاطري بعض الأفكار التي قد تشفي الألم بداخلي، وتساعدني على العودة من جديد، تجيب على اسئلتي المتكررة إلى نفسي ولمن حولي:-
أن كل العلاقات القوية الجميلة لابد أن تمر ببعض الصعاب والمشكلات لكي ندرك أهميتها ،وعظمة وجودها فى حياتنا.

فعندما تنظر إلى مياه النيل تسحرك بجمالها، وامتدادها  من جنوب القارة إلى شمالها، وهى متماسكة قوية من الشاطئ إلى الشاطئ، تسير فى الأماكن جميعها أضيقها وأوسعها، لا تترك بعضها البعض إلا بفعل تدخل الإنسان وإنشاء الطرق وهكذا، فعلاقتنا كالمياه ياصديقي لابد أن تسير كما هي بين الشواطيء فى كل الأماكن والبلاد، لكن أحيانا يصيبها الضعف وتدخل بعض المشكلات كتدخل الإنسان الذى يصيب نهر النيل والإنقطاع عن امتداده، تصيبنا الصعاب وتفعل بنا فعلتها.

لكن لابد أن نعاود بعد فترة ليست بالبعيدة الوصال من جديد، نتحادث ونعاتب بعضنا البعض، لا نسمح لمياه الكره أن تتخللنا وتصيبنا للحد الذي يصعب الرجوع عنه مرة أخرى، نحن كالبنيان يا صديقي؛ خلقت الصداقة لتمدنا بالمودة، وتعيننا على الخير، لتكون لنا السند والدعم، لنعيش فى دروب الحياة جميعها سويا، نعيش في أضيقها بمنتهى الرضا والسند، ونعيش فى أوسعها بمنتهى السعادة والأمل.

خلقنا لنتشارك الدنيا معًا ونعمل من أجل الآخرة، لكى نتصاحب هناك في الجنه، أتمنى لو تكون صداقتنا كصداقة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي بكر الصديق، وإن لم تكن تلك العلاقة عظيمة وقوية لما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم صديق!
لكنه كان يعيطنا مثالًا عظيمًا على أهميه الصداقة وجمالها .
أعدك أن تظل حبال صداقتنا ممتدة أبد الدهر...

إبداع الكاتبة\ سهيلة سيد



السبت، 3 فبراير 2018

خاطرة - قطة شرودنجر


هناك الكثير من القطط في هذا العالم، ولكن هناك قطة واحدة مشهورة جدا، قد تكون سمعت عنها من قبل، قطة شرودنجر. هي عبارة عن تجربة ذهنية للعالم الفيزيائي (إروين شرودنجر)، يتخيل فيها قطة داخل صندوق مغلق، وضع معها عداد غايغر -عداد يقيس تحلل المواد المشعة- وكمية ضئيلة من مادة مشعة، حيث يكون تحللها خلال ساعة شيئًا ممكنًا. إذا تحللت ذرة واحدة فإن عداد غايغر سيطرق مطرقة صغيرة، تكسر زجاجة مليئة بمادة الهيدروسيانيك السامة والتي ستؤدي إلى موت القطة. بعد ساعة، هل تستطيع أن تعرف حالة القطة داخل الصندوق المغلق. تبعًا لميكانيكا الكم، ستكون القطة في حالة مركبة من الحياة والموت، أي أن القطة نصف حية ونصف ميتة، والطريقة الوحيدة لمعرفة حالتها تتوقف على المشاهدة، وبالتالي سنعرف حالة القطة إذا فقط فتحنا الصندوق ونظرنا بداخله.

إذا ما أسقطنا تلك التجربة على ما يحصل معنا في حياتنا اليومية، بافتراض أن القطة هي كل تجربة جديدة علينا، فإننا لا نستطيع أن نصدر حكمًا واضحًا، مؤكَدًا حول نجاحنا أو فشلنا، فوزنا أو خسارتنا إلا بالتجربة.
نعاني من التفكير حول نتيجة شئ ما، ربما كان مشروعًا نود تنفيذه، أو رحلة نريد القيام بها، كورسًا نود البدء فيه، هواية أو مهارة نود اكتسابها، ونبدأ في الافتراض، سأنجح، لا سأفشل، كيف أنجح، لماذا أفشل، وهكذا وننسى أن الفيصل الوحيد هو الدخول في التجربة.

أتعجب كثيرًا من الناس؛ أراهم يصدرون أحكامًا حول تجارب الآخرين، تسمع شخصًا يخبرك لو أن فلانًا فعل كذا لكان كذا، وآخر يخبرك بأن ذاك الشئ سهل جدًا، وثالث يخبرك بأنه لو كان مكان الشخص لكان نجح، أو لأبلى أفضل منه. لا أفهم تمسكهم بأحكامهم والتعامل معها على أنها واقع وحقيقة واضحة رأي العين.

الآراء مثالية والأحكام والتوقعات أيضًا مثالية حتى تجرب الشئ، تلمسه واقعًا، تخوض التحدي وترى النتيجة. لن تدري حقًا صعوبة اكتساب مهارة مثل الرسم إلا عندما تمسك فرشاة أو قلمًا، وترى أنك رسمت خطًا جبليًا متعرجًا، شوه الورقة. لن تعرف صعوبة الإقلاع عن التدخين، إلا إذا كنت مدمنًا وتحاول التخلي عن تلك العادة.

أنا لا أقول مثلا "ادمن التدخين وبعد ذلك حاول الإقلاع عنه"، لكي تدرك صعوبة ذلك، ولكن ما أحاول إيصاله إياك، هو أن لكل شخص منا تجاربه الخاصة، لكل منا قدرته على التحمل، لنا رؤيتنا الخاصة للأشياء، وظروفنا التي تحكمنا، وبالتالي لا يجب أن نصدر حكمًا على سلوك أحدهم -حتى لو مررنا بنفس التجربة-، فلكل منا ظروفه واستجابته الخاصة للأحداث.

يمكننا أن نصبح أكثر تعاطفًا، أقل تعصبًا، أكثر خبرة، وأفضل في تقدير الأمور لو ركزنا على تجاربنا ولمسنا الأعذار للآخرين بدلا من الحكم على حياتهم وتجاربهم من نظرتنا القاصرة فقط.



إبداع الكاتب\ محمد حمدان