الجمعة، 17 مارس 2017

مقال - أأختبيء



"إن منحتني سمكة سأضمن طعامي ليوم، لكن إذا علمتني الصيد فسأضمن طعامي لآخر يوم في حياتي."

"إذا أردت شيئًا لم يكن لديك، فعليك أن تفعل شيئًا لم تفعله من قبل، وتذكر أنك ولدت لكي تعيش.. لا أن تعيش لأنك قد ولدت!"


"آل كرودز" هو فيلم مغامرة لقصة كتبها "كريس ساندرز" و"كيرك دي ميكو" عن عائلة عاشت في عصور ما قبل التاريخ، تعيش الأسرة في كهف صغير يحميهم من شر العالم الخارجي بكل جديد فيه.

"إيب" بطلة الفيلم تلك الفتاة التي جن جنونها حين وصلت لمرحلة عمرية وضعت على عاتقها ما يكفي من الفضول القاتل، ليحرضها على ملاحقة النور الذي يبعثه العالم الخارجي إلى كهفهم كل يوم، كأنه يشير إليها لتخرج وتتبعه.

ظلت تتقافز الأسئلة في عقل "إيب" باستمرار، "ما المغزى من كل ذلك؟ ما المغزى مما نفعله؟ ومن أجل أي شيء نفعله؟ لماذا نحن هنا؟" هل خلقنا لنقطن في الكهوف، لا نخرج منها إلا حين ينفد الطعام لنأتي بغيره! وكأن مهمتنا الوحيدة ليست أن نعيش، ولكن لنهرب من الموت ! والفرق بين الاثنين كبير..

"غاي" هو صديق "إيب" صاحب البنية الضعيفة والذكاء الحاد، والذي فقد كل أسرته لكنه استمر في العيش خارج نطاق الراحة؛ ساعيًا إلى راحة أكبر في "الغد المشرق" الذي ينتظره على حافة العالم، ذلك الباب الموصد الذي سيفتحه له عقله وإنسانيته.

"غروغ" والد "إيب" هو ذلك الأب الذي تحمَّل مسئولية أسرته، يحاول جاهدًا أن يبقيهم على قيد الحياة ظنًا منه أنها (مسئوليته الوحيدة) تجاههم كأب أو كرجل، يعيشون تحت رحمة الخوف الدائم الذي أبقاهم أحياءً بداخل كهفهم الصغير طوال حياتهم، يسن "غروغ" قوانينه الخاصة على أسرته، معتمدًا على بنيته القوية في حمايتهم، معتبرًا أن كل من يحاول إشباع فضوله حول العالم الخارجي حتمًا سيلقى حتفه.

استفز "غروغ" كثيرًا قدرة "غاي" العجيبة على العيش في عالم شرس وعدائي بكل دهاء وشفافية، وبشأن انتقالاته المستمرة برغم مروره بالعديد من الأماكن، التي إن لجأ إلى أحدها قد تحميه من مخاطر كثيرة. استفزه أيضًا طرق دفاعه عن نفسه وسهولة صيده لفرائسه، وتتبعه لإشارات قدره فقط ليجيب على سؤال واحد، وهو "ما المغزى من كل ذلك! ولماذا أوجدته الحياة هنا بالتحديد!".

إن هذا ما يفعله الآباء عادةً، حماية صغارهم، و القلق هو الشيء الطبيعي الذى يشعرون به طوال الوقت، ومستعدين لفعل أي شيء من أجل إيقافه لبضع لحظات معدودة، إنهم على حق، فهم قد أحبُّوا، و من أحَبَّ بالتأكيد سيقلق! إنهم على حق، لا نطلب أن يتغيروا، بل نطلب من أنفسنا أن نكون على قدر ثقتهم بنا، فثقتهم وحدها القادرة على منحنا <الصمود> وعلى منحهم <الأمل>، الثقة هي ما يحرك <اهتمامات البشر> معًا، إذا فُقدت، لتبعثر كل طريق ممهد، ولتعكر الوجود الآدمي الصافي، و إذا تولَّت القيادة، ستتوحد السبل لسد تلك الخانات كسباقات الخيل طويلة المدى، فنهتدي جميعًا إلى ذلك "الغد المشرق".

يمكن أن يقنعك كل ذلك وتقرر أخيرًا الخروج من دائرة راحتك، وما أن تخرج تدريجيًا من كل ما هو مألوف بالنسبة إليك، بعد بضع خطوات سيبدو كل شيء غريبًا، جديدًا ومخيفًا أكثر من قبل، عندها ستحدث نفسك بشأن أن تعود أدراجك، يبدو أنه ليس لديك القوة والشجاعة الكافية لتكمل ما قد بدأت، ولكن لا أحد يمكنه إيقاف ما قد بدأ بالفعل، سيهمس صوت بداخلك <لن أعود للخوف مجددًا، لن أرضى بفنائي على هذا الحال، سيرضيني فقط أن أموت وأنا احاول! حتى و إن لم أصل.>

يجب عليك أن تتأهب نفسيًا حين تواجهك أحاديث النفس المثبطة في ذلك الوقت، حتى لا تفسد ما كنت تخطط له، وانصت جيدًا إلى ذلك الصوت!

السعادة الحقيقية لا تُشترى ولا تأتي وحدها، و إن أتت لا تستمر! ليس لأن الشقاء دومًا يصاحبها، ولكن لأن السعادة لا تأتي كاملة، فالحياة كمتاهات تحيط بقصر عديد المداخل، على عتبة أول أبوابه تقطن سعادة المبتدئ، وكل مدخل يخبئ وراءه سعادة أخرى تختلف عن التي تسبقها. السعادة صيد دسم يوهمك براحة الوصول، لكنها سرعان ما تزول لتبدأ في البحث عنها واصطيادها مجددًا بطريقة أخرى على أعتاب مدخل جديد.

جرّب أن تكرر معي تلك الكلمات..

سأطير..                                                          

ربما سأهبط هبوطا مثاليًا..

أو ربما سأقع وأتحطم..

ولكن لن أفوت أبدًا فرصة تستحق مجازفتي كتلك..

في كل مجهول فرصة تمثل منعطفًا، فقط عنده تتبدل الأمور..

سأثق في حدسي وفي إشارات قدري..

أأَختبئ!

لا لن أَختبئ..

إعداد/ ندى أحمد عبدالمعطي.



هناك 3 تعليقات:

  1. جميل جدا جدا استمري ونمي الموهبه دي أكتر وأكتر ويارب يسعدك وتوصلي لنور حياتك انتي برضو زي ما وصلت ايب

    ردحذف