الأحد، 23 يوليو 2017

خاطرة - انفصام يجب أن يُقبل



 أنتِ طيبة، أنتِ مبهجة، أنتِ طفلة، أنتِ كئيبة، وأنتِ ناضجة عن الحد اللازم!                                         
لطالما ترددت علي مسمعي تلك الكلمات ولطالما أجبتُ في سري" يا الله أيهم أنا حقًا؟، أين أنا من كل هذا وكل هؤلاء؟،  يا الله أعنّي على إيجاد ذاتي يومًا ما"، ولكن بعد مرور بعض الوقت وبعد أن نضجت قليلًا أدركت أن كل هؤلاء هم أنا، كل تلك الشخصيات هم من جعلوني أنا، تلك الشخصيات ما هي إلا جوانب لشخصيتنا الحقيقية. ففي اعتقادي أن لكل منا شخصيات مختلفة أو جوانب عديدة، وقد يتحير بعضنا أحيانًا متسائلًا:"أيهم انا؟" ولكننا ننسى أننا نقابل الكثير؛ الكثير من الأشخاص والكثير من المواقف، ومع كل شخص وكل موقف يتولد عندنا شخصية جديدة أو ربما رد فعل جديد، فحينما نقابل شخصًا جديدًا نظهر إحدى شخصياتنا، أحد جوانبنا، بل أفضلها على الإطلاق لكي نلقى إعجابًا من ذاك الشخص، ولكن ربما حين يقترب ذلك الشخص منا ويرى حقيقتنا يرى جميع الجوانب ويرى الصورة مكتملة، قد يُصدم من حقيقة أننا اختلفنا عما رآه سابقًا، فهل علينا التصنع وإخفاء جوانبنا السيئة لنوجد التقبل في هذا العالم أم علينا إظهار حقيقتنا بلا خوف فينفر أغلب من حولنا؟

في رأيي لا يستطيع أحد أن يكون له رد فعل واحد على كل شيء إذ أن ذلك صعب، لذلك يخرج عقلنا شخصية جديدة مع كل موقف جديد، ويزداد التشتت عندنا فنحاول إعدام أو قتل وإخفاء كل الشخصيات فنصبح حينها جامدين، وحينها يحدث أحد الأمرين: إما أن نرد بفعل داخلنا وهو ما قد يؤدي لأذيتنا أو أذية من حولنا وربما الاثنين معًا. والامر الآخر هو أن ننقسم وننشطر إلى قطع صغيرة ليصبح من الصعب دمجها من جديد فيما يسمى "الانفصام" ، وفي الحالتين يحدث الأمران كآلية دفاع من كل شيء؛ آلية دفاع تجاه من  حولنا، آلية دفاع تجاه ركودنا، جمودنا، كأن كل شيء يجتمع مرة واحدة ليخبرك أنك لا يجب أن تكون راكدًا جامدًا، وأنه عليك أن تتخذ موقفًا، أن يكون لك رد فعل، أنك يجب أن تشعر أنه من الطبيعي أن تكون متعدد ولكن بحذر؛ فعلينا أن ندرك أننا حقًا سعداء أو حقًا بؤساء أو ربما نحن مزيج الاثنين معًا.

ففي فيلم (inside out)
أدركت محركات عقولنا في نهاية الأمر، أنه هناك ذكريات بالإمكان أن تكون ممتزجة بالحزن والسعادة معًا في آن واحد وليس من المفترض أن تتكون من أحدهما فقط، وكذلك الاشخاص فمن الممكن أن نخرج أكثر من شخص في موقف واحد، فحين نقابل شخصًا لأول مرة نظهر شخصية واحدة -جانبًا معينًا- فقد نخرج الشخصية المرحة الذكية رغم أننا قد نكون حقًا لسنا هكذا ولكن عقلنا وطبيعتنا يحاولان مع المستحيل لجعلنا محبوبين.
والأهم من كل هذا أن نعرف أنه حتى عقولنا تكره الركود وأنه علينا أن نُكوِنَ من هم نحن وعلينا ألا نصطنع شخصيات لا وجود لها!

إعداد\ بدور أسامة
Image may contain: 1 person, hat and closeup

الجمعة، 21 يوليو 2017

ومضاتٌ أخرى من الحلم

لماذا يجعلنا الظلام نشعور بالخوف؟ ولماذا يأتي النور حاملًا معه الأمان؟ أجدني أتساءل حول هذا الأمر دائمًا، لا أشعر بمشكلة في الوضع الاعتيادي، حتى أنني -كالبقية- أحب النوم في الظلام الدامس، ولا أجد في ذاتي أي خوف وقتها. لكن عندما أتعرض لموقف مع الظلام، يتسلل شعور الخوف إلى داخلي. مع الوقت أدركت أن الأزمة الحقيقية في الإجبار، أن أتعرض إلى الظلام مجبرًا، فيصاحبه الخوف. وأسوء أنواع هذا الظلام، هو الظلام الداخلي، أن تجد ذاتك مجبرةً تمامًا على أن تحيا في الظلام، فيأتي الخوف كرفيقٍ يؤمن أنه وجد مكانه الصحيح.

تزامن مع تساؤلي هذا، تفكّر في مسألة هامة جدًا، لماذا يقترن مجيء الدين في القرآن بأنه يخرج الناس من الظلمات إلى النور؟ لماذا لم يكن النص يقول أنه يخرجهم من الكفر إلى الإيمان؟ لماذا اختيار الظلمات والنور؟

أظن أنني عندما وصلت إلى إجابة سؤالي في السطور الأولى، لم أمنع نفسي من الابتسام، فالدين أو الرسل لم يقتصر دورهما أبدًا على تحوّل الناس من حالة الكفر إلى حالة الإيمان، بل ارتبط الأمر بتحول البشر من حالة الظلام الداخلي، إلى النور. لتأتي الحكمة الإلهية في انسياب الطمأنينة إلى الداخل بالدين، فتقضي على الخوف.

منذ فترة طويلة ونحن ندرك بأننا نعيش في ظلامٍ دامس، وزمن الأنبياء الذين يبعثهم الله بالوحي الإلهي قد انتهى، فأصبحت مهمة الخروج من الظلام إلى النور هي مسئوليتنا الشخصية، علينا أن نفعل ذلك، وإلا فلنجلس سويًا لنلعن الظلام.

أعادني هذا إلى سنوات ثلاث مضت، يوم أن قررنا أن نبدأ في حلم الدوشة، كنا نرى أن هناك ظلامًا، وعلينا أن نجتازه، لا نريد أن ننهيه تمامًا، وإن كنّا سنظل نسعى إلى ذلك دائمًا، لكننا أردنا في المقام الأول أن نشعل لأنفسنا عودًا من الكبريت يمكنه أن يقودنا في الظلام، حتى نخرج إلى النور.

الآن، تتراكم الصعوبات فوق عاتقنا، مشاكل لا تنتهي، وفي كل يومٍ يأتيني قرار التوقف مائة مرة، وفي كل مرةٍ يخرج صوتٌ من داخلي ليقول: "سيظل هذا الحلم حيًا دائمًا، ليشهد علينا وعلى أحلامنا ومحاولاتنا البسيطة في هذا العالم، لن نتوقف أبدًا، وسنظل نواجه كل الصعوبات، نحاول التغلّب عليها مهما بدت مستحيلة."

إلى هذا الصوت بداخلي، لن نتوقف أبدًا يا صديقي، ووجودك كومضاتٍ أخرى من الحلم، تؤكد لي أننا سوف نصل، سيظل وجودنا ومحاولاتنا طريق نسير عليه نحو أهدافنا، وسننجح في النهاية في خلقِ العالم الذي نؤمن به، فإن لم يحدث ذلك، فعلى الأقل، سيتكون هذا العالم في داخلنا نحن. شكرًا لك يا صديقي.

الثلاثاء، 18 يوليو 2017

خاطرة - في الأمل حياة

                               نتيجة بحث الصور عن صورة فتاة تتأمل أمام البحر ليلا

تسري بنا الحياة بين مزيج من الآهات والشجن، لن ينول منها الجميع الجانب المشرق دائمًا؛ قد نزدهر بمرور الوقت أحيانًا، وأخرى نذبل ونُردم بالأتربة تحت قبضة أزماتها..
أعترف بأن الإنسان لا يصل إلى مبتغاه في جميع الأحيان؛ ولكن هذا لا يضعه تحت بند الفشل! 
الفشل "لقب يساير حياة كثر ويقفز بهم الى قاع ملؤه ظلام دامس لا يشع منه طفيف نور"

طموحاتنا ندرك أن لا مكان لها، تموت قبل إحياء ميلادها، تُداس بقدم الفشل الذي بمثابة الشبح المتلبس أرواحنا، عندما نوضع أمام مشكلات حياتية بشتى الفروق، او نفقد شيئًا لطالما كان شمس الحياة التي لا تنطفئ ولا يحين غروبها أبدا..

فلماذا نأسر ذواتنا داخل زنزانة الحزن ؟!
لماذا لا نحاول جاهدين تثبيت النور بأرواحنا؟!
يقبع الغراب شديد السواد بظهورنا، وكأنه يدفعنا إلى الخوف دائمًا، وكأننا خلقنا تحت رحمته!

في لحظة صفا جلست أمام كورنيش النيل أتفقد شكل البحر وموجاته المتقاذفة اضطرابها بأعماقه، وكأنها تستنجد به كي يحتضن أوجعاها بجوفه الذي يسع أكثر وأكثر..
وانسجام لون السماء مع البحر وتخالطها بجمع من النجوم المتلألئة وعظيمهم القمر الذى يخطف نواظرنا بإضاءته، وكأنهم عالم آخر يُحيي نفسه بنفسه، وينظر من فوق سابع سماء على كوكبنا المعتم، ليعالج بروعته أرواحنا المكسورة .. فأين أنتم في الدنيا أيها المحبطين من إهمال تلك الصورة المستحضرة جميع الجماليات التي تلمس الروح وتورد بداخلها إنسانًا من جديد..
فأخذنى الإنتباه إلى ضحكات طفل لم يتجاوز التاسعة من عمره، يمسك بيداه بالونًا آتيًا على كرسي متحرك وبأعلى صوت يقول مرفرفًا بذراعيه: "كل المفروض مرفوض أثبت للعالم إنك موجود" 
ضحكاته التي تشبع المكان فرحًا والأمل الذي يخرج مع صوته وكأنه يعطي إشارة للنجوم بأن تضئ أكثر فأكثر..
إنه الأمل.. في عز محنته وآلامه يبث النور لما حوله

إذن لماذا هؤلاء البائسين المنعدم جوفهم من الأمل، يتخذون من ظروفهم أسلاك شائكة يصعب تخطيها؟!
لماذا لم يتركوا لأنفسهم حق العيش تحت راية اليقين، وبأنه يومًا ما بمكان ما سيحين الوقت للإشراق والوصول لبؤرة السعادة؟!
ولكنهم يظلوا تاركين أرواحهم تستبد تحت قبضة الأسى، مهمومين، وعلى أتم الاستعداد لتوليد منبع من البؤس مرة آخرة، وكأنهم مصدر لتصديره، جاهلين حقيقته البشعة وإلى أى مسار يأخذهم!!
اليائس هو المفلس الذات، الذي لا هوية ولا موطن له، مادام جوهره متشرد، مفتقد للحياة!
لو أن الإنسان يستجمع قوته الفولاذية باطنيًا وعقليًا قلبًا وقالبًا التي لطالما دفنها فى عالم مسلوب الأحلام، لوجد أن الانتصار بعينه هو حين يزلزل معتقداته الوهمية، مُفرغًا روحه لعمل واحد وهو استنباط السعادة..
الظروف ليست إلا حرب إما أن نتسلح فيها بالصبر والمقدرة على تقطيعها من الجذور، أو أن نبقى مكتوفي الأيدى متقهقرين نعود أدراجنا إلى مقبرة اليأس!

لكل داء دواء والعزيمة يجب أن تحيا، فالتحدي الحقيقي هو أن تكون في الصدارة عندما يتطلب الأمر أن تشارك  في معركة دفن الحزن، واللون الأسود يتواجد كي تظهر بقية الألوان..
إن الحياة مليئة بالمغامرات.. وحس المشاركة.. والمثابرة.. يكمن بها لذة الاستمرار لآخر نفس يبقينا قيد المشاركة فيها..
تخلى عن ذلك المنحدر الذى لا هدي ولا رحمة فيه، يقتل صاحبه حيًا، فمن يكون اليأس لنرتديه؟!
عيب علينا أن نصنع من ذلك اللفظ المهشِم للذات أولوية قيدنا!
فلو علمنا أن في الأمل حياة؛ لمكثنا بثغراتنا مبتهجين غير مباليين لما يحدث أيا كان، فنستقبله بصدر رحب، لعلمنا بيقين الوصول مهما كانت عتمة. 
فخطانا لن تُشل عن السير والدرب لن ينتهي، فما زلنا نحيا بعد؛ فلماذا لا نحيا مستبشرين؟


إعداد\ هاجر إبراهيم

الاثنين، 17 يوليو 2017

مقال - هل من حقنا أن ننعتهم بالكفر

نتيجة بحث الصور عن كافر

كثيرًا ما تقع على أذهاننا هذه الكلمة المنفرة وقع الصاعقة، التي تزلزل كياننا وتجعلنا نشعر باضطراب داخلي، يحدث تصدعًا في مملكة القلب الداخلية، هذا الاضطراب يترتب عليه عواقب شتى، فهناك مباني تُهدم، وهناك مباني تتصدع فقط، فما يتصدع يمكن ترميمه، أما ما يُهدم لا يمكن إعاده بناءه، لأن قوانين البناء البشريه تعجز عن بناء إنسان جديد!!..
الكفر هو شيء يقع فيه العالم بأسره، سواء على المعنى الديني أم على المعنى اللغوي، ففي جانب الدين كل البشر عند بعضهم كفار، فالمؤمن بعقيدة الإسلام كافر بما سواها، والمؤمن بأي عقيدة غير الإسلام كافر بعقيدة الإسلام، وهكذا فالكل كافر بالنسبة للآخر .
ولكن سنسلط الضوء في هذا المقال على الكفر بالمعنى الاسلامي، فما هو الكفر في حقيقته؟ وهل كل من لم يدخل في دين الإسلام من حقنا أن ننعته بالكفر؟.
في الحقيقه أن الكفر لا يكون ولا يتحقق الا إزاء قضية معينة، بمعني انه من نحكم عليه بالكفر لا بد  أن يكون قد وصل إليه أولًا دين الإسلام وقضية الإيمان، فكفر بها ولم يذعن لها إيمانًا، حينها نحكم عليه بالكفر، أما من لم تصل إليه قضية الإيمان فلن يكون هناك معنى إذا وصمناه بالكفر، لأنه سيطرح مباشرة عليك السؤال البديهي كافر بماذا؟ وحينها لن تجد جوابًا إلا أن تفسر له قضية الإيمان.
وهنا سيطرح أحد القراء السؤال البديهي إن الاسلام قد شمل كل من على وجه البسيطة ولا يوجد مكان لم يصل إليه الإسلام.
ونحن سنتماشى مع هذا الفرض الجدلي، ونفترض بالفعل أن الإسلام قد وصل إلى جميع أنحاء الكرة الارضية، هل من حقنا إذا أن ننعت كل من لم يؤمن بأنه كافر؟
سيكون الجواب نعم، ولكن بشرط واحد: أن يكون ما وصل إلى هؤلاء الناس هو الإسلام حقًا.

إن الإسلام لا يترجم عن نفسه، ولكن نحن من نترجم عنه، وترجمتنا عنه متوقفة على فهمنا له، فلو ترجمنا للناس الإسلام على أنه ما يدّعيه داعش من قتل بلا رحمة للأبرياء أصحاب الملة  الواحدة، الذين يصدعون بلا إله الا الله، فإن الإسلام حينها لم يصل بعد إلى جميع من هم على سطح الأرض، لأنه لو كان الإسلام كذلك فأنا أول الكافرين بدين يدعو إلى الوحشية والقتل وممارسة الفواحش، وعندها ليس من حقنا ان ننعت أحدًا بالكفر، إلا حينما نوصل إليه الدين كما أراد الله.
إن هذه الصورة المشوشة للإسلام في عقول غير المسلمين هي من تدفعهم إلى النفور منه والصد عنه، فلا يعقل أن يدخل المرء في دين لا يعرف أتباعه غير الاختلاف والاقتتال وتكفير بعضهم بعض، والدعوه المزرية إلى الانحطاط والتأخر الحضاري ..

إن الإسلام قد وصل إلى بلاد الهند عن طريق التجار، لأنهم ترجموا عن الدين ترجمة حسنة قبلها المجتمع فجزاهم الله عنا خير، أما نحن فلا يحق لنا أن ننعت أحد بالكفر، لأن ما نعرضه للناس عن الإسلام يدعو حقًا إلى الكفر.

إعداد\ أحمد الشنطوري



الخميس، 13 يوليو 2017

قداحة تصنع الظلام



 لغُرفة مظلمة، إلى حد أنهم كانا يتخبطان في محتوياتها، أخرج عود ثقاب وحاول إشعاله، ثم توقف فجأة)
-ما هذا الحظ، نسيت إحضار الشمعة، أتذكر أن هناك  قداحة في الرف المقابل للسرير
(ذهب يتخبط ويعبث بيده)
=ها هي قد وجدتها
(أشعل القداحة وأنارت المكان بشكل بسيط ولكنه يحسب أنه يكفي للغرض)
=هيا لننهي عملنا إذًا
-عملنا!! هنا، كيف في هذه الظلمة؛ أنا بالكاد أرى يدي، لا أدري ما السر في حبك للظلام. أنت لا تحبه فقط أنت مُصر على فرضه علينا حتى ونحن لسنا بحاجة إليه.
=الظلام هو الذي يجب أن يسود، هو الحقيقة التي لامجال للشك فيها، الظلام ماثل في كل شيء من حولك، الظلام متمثل فينا نحن
 (أشار بيده نحو القداحة)
هل كنت سترى نار قداحتك برغم بساطتها لولا وجود الظلام؟!
(كان مثبتًا يده على القداحة أثناء الحديث، وينظر هو الآخر إلى الضوء المتوهج منها، استمرت لحظات صمت بينهما)
-لا أفهم قصدك بتاتًا؟! ولكن أشعر أن لك نظرة مختلفة عني؛ فأنا لا أميل له، بينما أنت لازلت قادر على العيش فيه..
=لا أدري ما سر نظرتكم للظلام، الذي دائمًا ما تفرون منه، تكرهونه، تحدثون أنفسكم بأنه دائمًا السيء الوحيد بينكم، هو رفيقكم في حزنكم ولكن حينما تفرحون تقضون عليه، من تتهمونه بالشر دائمًا، في كل مرة تقف أمام المرآة تحدث ضميرك بأن لا يكون مثله رغم أنه اسوء منه، من تراه فيصبح أقوى مثال ألا تكون مثله. فعلى ما هو عليه أنت تدين له بالكثير.. هو تلك الفكرة السيئة بداخلك..
إبليس الذي آمن بكفره حتى تتقرب أنت من خالقه وتؤمن به. ذاك الذي يبدو مجهولًا بالنسبة لك وأنت تخاف من المجهول فتقرر الابتعاد
الحيوان الذي ولد بأنياب وحب لرائحة الدم..
فتشعر في بعدك عنه بالأمان، هو وَضوء قداحتك يكمل أحدهما الآخر
لولاه لما قدر أحدٌ وجود النور، فأرجوك لا تمقته الآن فقط، كُن ممتنًا له، اشكره كثيرًا، ولا تلعنه
(عاد المكان مظلم من جديد فضحك كأنه انتصر في حرب)
 -فرغت القداحة ماذا سنفعل، كيف سنضيء الغرفة الآن -بسخريه مكملًا حديثه
 -اللعنة عليك وعلى ظلمتك تلك
=لازلت تبحث عن الضوء ياصديقى، ألا يعجبك الظلام

-أنا في الظلام وأبحث عن الضوء، أفضل من أن أستسلم له مثلك.

إعداد\ أمير محمد

الأربعاء، 12 يوليو 2017

خاطرة - فوبيا الاختلاف




مستلقيًا على ظهره تحت ظل شجرة التين، يستنشق الآن النسيم محملًا برائحة التين الذكية، يذكره ذلك بالوقت الذي كان يتردد فيه هو وأبوه على تلك الشجرة ويأكلان منها حتى يشبعا أو يتعبا من قطف التين لبعد الأغصان المحملة به.

يستعيد ذكرى أخرى له صغيرًا، ذكرى اختلافه وشعوره بالغربة والغرابة وسط أقرانه، لماذا لا يهتم طفل بمثل ما يهتم به غيره من الاطفال، كان مثلهم فى العمر والحجم ولكن كان داخله مختلفًا كثيرًا؛ فقد كانت له اهتمامات وهوايات مختلفة؛ خيالًا مختلفًا و أحلامًا غريبة.

لم يحب الاختلاف كثيرا؟؛ لا يحب أن يكون مثله أحد -وإن كان أحيانا يتمنى لو يجد من يفهمه أو يشاركه اختلافه-، لا يعلم سر ذلك الكره للتشابه؛ ربما لأنه يحس بالملل من التكرار والتشابه أو لا يرى جمالًا فيهما، وربما كونه مختلفًا عما حوله هو السر وراء حبه للاختلاف؛ لا يهم!

يعود الآن لواقعه ويبتسم؛ فقد كبر و بات يعلم جيدًا أن الاختلاف هو جوهر الحياة؛ خلقنا مختلفون لنميز بعضنا البعض، لكي لا يحتكر أحدنا الجمال دون الآخر، لكي لا يكون لأحد فضل على أحد، لنرى جمال الألوان و لتستمر الحياة، ربما.

وربما قد يكون شعوره بالاختلاف نابعًا من قدرته على رؤيته؛ إذ انه ليس كل الأشخاص لديهم القدرة على ذلك.

منذ فترة قريبة، جال سؤال فى نفسه وربما كان تعجبًا و استنكارًا أكثر من كونه استفهاما؛ لماذا يصر الكثيرون على إزالة وقتل الاختلاف ويحبون ما هو مألوف -ما الجميل أصلًا في الشئ المعروف-؛ وكيف يستطيع مثل هؤلاء أن يروا جمال الألوان أو تستشعر آذانهم جمال الموسيقى أو حتى أن تتراقص أعينهم مع أجنحة الفراشات، ربما يخافون أو يشعرون بالغيرة أو ببساطة لا يمتلكون تلك القدرة؛ لا يهم، فعلى كل هم يفتقدون متعة و جمالًا كثيرين.


يعود ثانية من أفكاره -و لمرة أخيرة-، يقف ويلتقط حبة تين على غصن قريب ويغادر!

إعداد\ محمد حمدان



الثلاثاء، 11 يوليو 2017

خاطرة - السكر مر للغاية


عرض IMG_٢٠١٧٠٥٠٩_٠٠٥٢٠٠_١٢١.JPG


"غصب نتحمله مو طيب،مهما نصد ونتحاشي.."
هكذا سمعت بلقيس تنشد بوجع، وتذكرت كل شيء، هذا ال " كل شيء" ،الذي ظننته سيبقى للأبد، وأخذت أسرح بخيالي كثيرًا، كيف مضى؟، أو كيف بغبائي ظننته لن يمضي؟،

الحب النقي ، بكل تفاصيله البسيطة، البراءة الجمة التي تحتويه والضحكات التي كانت كفيلة بتحرير القدس، والحكايات الرقيقة العذبة، والليالي، والسهر، وأيام الصغر، كل ذاك قد مضى، فلقد كبرنا لنصمت، لنتعلم بإتقان معان الخجل، فهل يمكنني قول "صباح الخير" لذاك الوسيم بتلك الجرأة مرة أخرى؟! وهل أستطيع التجول أمام المنزل مع صديقات الحي بعد صلاة العشاء؟!
 إنها أشياء باتت أشبه بأماني الصغيرات، حين يمر شهاب ما في السماء الصافية، يبتسمن له ويبادرنه بقول ما في صدورهن من جمال، لم أكن أؤمن بأن كل شيء سيمضي لا محالة ما كنت أؤمن أني سأترك ما أحب، وسيتركني من أحب، وحتى لو وُجدت في خيالي عقيدة تعبد ذاك المنطق لكنت بلا شك كفرت بها
 كم مرة دمعت عيني بحرقة، لتذكر موقف ما في سنة ما؟، كم مرة؟!، أنا أعرف جيدًا، كم مرة بل وأحسب التاريخ كل يوم، وأكتب الألفية الجديدة التي كنت أظنها في الماضي شعوذة أو سحر، فهل يوجد بعد ٢٠١٠ سنين؟!، وألفيات جديدة؟!، أو هل ستأتي سنة تجعلني أدرك مرور الوقت وأحسب له كما أحسب اليوم

 يمر في خاطري حين الشرود، مواقف عدة ما أجملها، وما آلمها في التذكر، وقلت هل ياتري تتذكرني الأمكنة كما أتذكرها؟!،هل تستحضرني المواقف؟!،وهل آتي على بال هذا الذي صار غريبا؟!، وتلك الأمسيات التي سهرتها على ضوء القمر هل تعرفني الآن؟!
أم يا ترى شاب المكان، وشابت أطواق اللؤلؤ التي في السماء، وبعد الغريب بقلبه ونفي بعيدا عن الذكريات؟!، هل صارت أيامي السابقة عجوز كهل؟!، وهل باتت أيامي القادمة حفيدة لما سبق، هل يشعر الماضي بي كما أتلذذ بوجع في تذكره.. وجدت الإجابة حين تابعت بلقيس نشواها الملتهبة قائلة: "ياليت الشوق عنده  قلب عشان شوي يحس فينا".


أدركت هنا، أن الحنين لما مضى سم، إن لامس شفاهك ستموت وحدك، أما هو فسيحتفظ بمكوناته، لقد طرحت على القدر أسئلة عدة، ودعوت رب القدر أن أهدى للجواب، فعلمت أن الغريب قد نسي، والأمكنة لازالت تتذكرني، مثلها مثل أيام جميلة سابقة لازالت تتعقبني، بلغت للجواب بعد أعوام مملة ولكني اكتشفت أن الصبر في مره حلاوة، وهل سأتوقف رغم ما عرفته عن الكتابة ؟!، أعتقد لا، الحنين مقرف أحيانا والشوق سخيف لشيء صار باردًا، ولكن هناك لحظات لا يمكن وضعها تحت بنود النسيان؛ إنها كشرك بالله تعالي، والله يغفر جميع الذنوب ماعدا ذاك، والقلب ينسى كل الهموم ماعدا ذاك!

إعداد\ ياسمين محمد

الاثنين، 10 يوليو 2017

خاطرة - المستقبل

عرض FB_IMG_1476950899265.jpg



المستقبلُ..

كلمةٌ تترددُ في أذهان الجميع.. كلٌ منّا يتخيل مستقبله بصورة معينة.
فمنا من يرى نفسه في وظيفةٍ أو مكانة اجتماعية معينة.
وهذا سيجوب البلدان سفرًا، وتلك ستحقق أمنيتها في مساعدة أكبر قدر ممكن من الناس على الوصول لأحلامهم... فلطالما وجدت سعادتها في ذلك.
وآخرون يرون مستقبلهم بتحدي المستحيل.. كتسلق قمة جبل، أو الغوص لأبعد عمق.
ومنهم من يغوص في أعماق نفسه وهذا نوع آخر!
  الحصول علي درجة لم يصلها أحد، أو التخصص في مجال نادر!
الأحلام عديدة والمستقبل يأتي لا محالة، فلنجعل أحلامنا به محققة.. فولله لو ودَّ أحدهم مجاورة النجوم في مستقبله.. لفعل.

كل منا يأخذ وقت ليس بالهين  يفكر في مستقبله،  
واضح الملامح بالنسبة للذي يعلم وجهته جيدًا ويسعى إليها، ومجهول الهوية لمن لم يخطط له جيدًا، ويعيش الحياة لمجرد أن يومًا آخر يمر! غير مبالي بمجريات الأحداث من حوله.

والآن دعوة لك... اغمض عينيك وقل لي أين تراك بعد بضع سنوات من الآن؟
وإجابتك ستحددُ الطريق الذي ستسري فيه هل هو واضح الملامح، أم مجهول الهوية؟  
إذا كنت من أصحابِ الوضوح فهنيئًا لك.. افتح عينيك فورًا واسعْ لجعل حلمك حقيقة ملموسة
وإن كنت من مجهولي الهوية.. افق مما أنت فيه؛  فأنت الآن في الحاضر مازلت مغمض عينيك عندما  طرحت عليك ذلك السؤال.. مازالت الفرصة أمامك لتغير واقعك الذي بدوره يرسم مستقبلك. فإن كانتْ لك أمنيات عالقة في جوفِ السماءِ لا تكتفي بمجردِ نظرك إليها مُتمني
ًا منها أن تهبط إليك في سلام.. ولكن لا تملْ من نظرك إليها مع ذلك اليقين المثبت في قلبك بأنها لابُد وحتماً ستكون لك. فإن لم تكنْ لك.. فلمن ستكون!
فيقينك بها سيجعلكَ تعِيشها وتعلو لما فَوقِها من أمنيات.. وحدهُ اليقينُ يُمَكّنَك من لمسِ السماءِ. .وحدك أنت من يمكنه تحديد مصيرك.. فقط ابدأ من الآن فمشوار الألف ميل يبدأ.. بخطوةِ.



إعداد\ هند مرزوق