الثلاثاء، 9 مايو 2017

مقال - الفن الحرام



إن أول ما يتسرب إلى أذهاننا عند سماع كلمة فن، هو أن الفن حرام ومخل بالشرف والعادات القويمة، هكذا يحكم عليه كثير من المتدينين، ولكن هل الفن حرام على مجتمعنا، وهل الفن له دور في حياتنا وفي تكوين أخلاقنا؟


مما لا شك فيه، أن الفن له تأثير كبير على حياتنا، وعلى تكوين الكثير من أخلاقنا وعادتنا وتقاليدنا، وخاصه الفن المرئي من أفلام ومسلسلات ومسرحيات، وحتى الفن المكتوب وأكثره تاثيرًا فن الرواية والفن المسموع.

ولقد سلك الفن مسلكًا خبيثًا في عصرنا هذا، فأصبح الفن هو تجسيد لكل ما هو قبيح من أخلاق وقيم وعادات قبيحة، تضر بالمجتمع وتنخر في عقول الشباب، كما ينخر السوس في الخشب، حتى صارت عقولهم فارغة مليئة بالأخلاق المرزولة والعادات المشئومة، ويتعلل الفنانين بأنهم يمثلون الواقع، ولكن هل هذه حقيقة، أم أنهم يمثلون واقعًا نسجوه بخيالهم، حتى يفسدوا أخلاق المجتمع، ثم يصير هذا الواقع المنسوج في خيالهم واقعًا ملموسًا في المجتمع، وإن كانوا يمثلون واقعًا فأي واقع يمثلون، واقع لقرية صغيرة أو بيئة محدودة لا يعرف عنها إلا عدد قليل جدًا من البشر، فاذا هم يظهرون هذا الواقع المشئوم إلى ملايين البشر فيصير واقعًا لعالم بأكمله!

هل كل صورة من صور التكنولوجيا يجب علينا أن نستخدمها بصورة مضرة، حتى أصبح من يحبون القيم يلعنون التكنولجيا، قديمًا قبل ظهور التكنولوجيا لم يكن الاختلاف في صفات المجتمع وعادته تتغير بسرعة، ذلك أن كل فرد يتأثر بما يراه ويسمعه ويتعايش معه في مجتمعه، ولا يعرف شيئًا عن المجتمعات الأخرى، أما اليوم فصار التغير سريعًا وملموسًا، فتجد أكثر من فئة تنتهج أكثر من خلق مضاد للآخر في بيئة واحدة، وذلك بسبب التكنولوجيا فكل يتأثر بصورة أو بأخرى بوعي وإدراك أو بدون وعي وإدراك بما يحدث له. والكل غارق في السبات العميق والقضية الأخلاقيه أصبحت في الهاوية ولا يبحث عنها أحد حتى الوعاظ والخطباء الذين ما زالوا يتحدثون عنها، قد سقطت هيبتهم في النفوس منذ زمن طويل، منذ أن أصبحوا يعلمون الناس الانزواء في زاوية صغيرة في المسجد، هروبًا من الفتن حتى تركوا الدنيا لغير أهلها فأفسدوا فيها، حتى ضاق عليهم الرزق فخرجوا من المساجد يبحثون عن الرزق بأي وسيلة، ضاربين بوعظ الوعاظ عرض الحائط.

إن القضية الاخلاقية لم تعد تريد ذلك الوعظ وتلك الخطب الصماء، وإنما تريد أقلام المفكرين وخيال الأدباء وصوت المنشدين وبراعة الممثلين، يجب على هؤلاء أن يتحدوا جميعًا يدًا واحدة لنشر القيم المحمودة في المجتمع، يجب أن ينسجوا بخيالهم نسجًا شريفًا من العادات والتقاليد، فنحن نفتقد إلى راوٍ يروي قصة ورواية مليئة بالقيم، التي تتسرب إلى أذهان النشء عن طريق الممثلين في التلفاز، حتى نعود بالمجتمع إلى قيمه السابقة.

ومما يؤسف حقًا أننا نكتب في الرواية ما يعبر عن أنفسنا وأحزاننا ويأسنا وفشلنا ولا نعبر عن قضيتنا الأخلاقية.
عار علينا أن نعبر عن أنفسنا الفانية ونترك قضيتنا الباقية بلا معبر عنها!
فإذا تكاتفنا سويًا لخلق مجتمع قويم شريف في عادته وتقاليده وقيمه العليا عندها وعندها فقط يكون الفن حلال علينا.

تم الإعداد بواسطة/ أحمد الشنطوري.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق