الاثنين، 4 سبتمبر 2017

خاطرة - على هذه الأرض ما يستحق الحياة

Image result for ‫روميو والفريدو‬‎          
  كنت كنت أعيش حياة عادية وروتينية حتى سن الخامسة عشر، ثم قابلت فتاة في سن الثالثة  والعشرين، كان يوجد بيننا اختلاف كبير، ولكنني بدأت رحلة جديدة في معرفة الحياة على حق مع هذه الفتاة.

أعلم جيدًا أنها عانت معي كثيرًا ورأتني في أسوأ حالاتي، وتقبلت مني كل شيء مثير للشفقة، لكن كنت أعرف حقًا أنها تحبني.
في هذه الفترة التي عرفتها فيها تعلمت منها الكثير من الأشياء ولنقل أنها غيرت فيّ العديد من الأفكار التي كنت أؤمن بها، فتعلمت منها أننا خُلقنا لنتعلم دائمًا، وأننا طوال الوقت نحاول ونحاول مرارًا وتكرارًا، وأننا نجرب ونقع، ونفشل ونيأس، ثم نعود من جديد لنكمل التجربة بكل أمل وإصرار، تعلمت منها كيف نحب الحياة وكيف نتقبلها، عرفت من خلالها كيفية تقبل المتاعب والعقبات وما فائدتها في حياتنا، تعلمت منها متعة المحاولة الدائمة للمعرفة، تعلمت منها احترام وحب وتقدير عظمة الورق والكتابة عليه، تعلمت منها كيف أحب نفسي وأعرفها.
مع الوقت أدركت مدى حبي للعلم ومدى حبي لنظرياته وجميع فروعه ومدى عظمته، لكن أدرك بكل وضوح أنه لولا هذه الفتاة لما كنت أدركت كل ذلك، أتذكر جيدًا أنه في كل تجربة أقع فيها تكون هي بجانبي، لتطمئنني ولتقول لي أننا نتعلم وندرك ونعرف.
في ذات يوم كتبت لي جملة تقول "على هذه الأرض ما يستحق الحياة"
لم أكن أدرك معنى الجملة ولكن من فترة قليلة كنت أُقّلِب في أشيائي ووجدت تلك الورقة وقرأت الجملة مرة أخرى ولكن في هذه المرة أيقنت معناها بوضوح شديد
"على هذه الأرض ما يستحق الحياة"
                                 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كنت على مشارف الثالثة والعشرين أتلمس طريقي نحو الحياة التي كنت أحلم بها، لكنني لا أعرف السبيل إليها، فكنت قد قررت التوقف عن الدراسة لعام؛ افهم فيه ذاتي وإلى أين تود الذهاب وبأي وسيلة، ليضع الله في طريقي فتاة في الخامسة عشر، تكره الدراسة، تكره حالها أحيانًا كثيرة بالرغم من أن كلاهما يستحق الحب، قررت أن أساعدها في حب دراستها ناسية تمامًا ما أنا فيه من توقف لكره الدراسة!
بدأت رحلتنا سويًا، أشكك أنا في قدرتي على التعلم والشرح، تشكك هي في قدرتها على التعلم، أفكر في كل المبادئ التي أؤمن بها -وقليلًا ما دافعت عنها-  عن العلم وحبه والمثابرة في دراسته، والإبداع في تبسيطه وفهمه، وعظمة تاريخه، فأقرر أنني سأشركها معي نتعلم سويًا كيف نجعل تلك المبادئ واقعًا، أخبرها عن نيتي فتثور اعتقادًا منها أنها لن تستطيع!
نبدأ، نحاول، نستكشف سويًا كيف أن الغوص في بحار ما نقرأ لأعظم عجائب الدنيا، نتلمس سويًا جمال النظريات وتطبيقها بعيدًا عن الكتب، نصرخ تهليلًا لتجربة نحاول فعلها سويًا، ننتشي نتيجة وثائقي مدته ساعات يشرح ما قاله الكتاب في سطرين عن فكرة أرسطو وجاليليو عن الجاذبية، تدريجيًا تحولت أنا من مُدرسة إلى شريكة دراسة، ومن شريكة دراسة إلى طالبة تتلمذ على يد المعلمة الصغيرة ذات الأعوام الخمسة عشر، تفكر قليلًا فتخبرني بأن ما نفعله يحارب كل ما يلقنونها إياه في المدرسة، أعطيها حُضنًا ودرسًا خطابيًا عن الشجاعة والوقوف في وجه التيار، لا بالاعتراض والكره ولكن بإيجاد طريق آخر ننجح من خلاله، ونقول أن النجاح ليس كما تعتقدون! تعود ثانية فتشرح لي الفيزياء، وتشرح لي الرياضة التي تمقتها وتبدأ في الاستمتاع بها –وإن لم يكن كليًا حتى لا تقتلني-
أٌعرِفها على السماء، وأُعِرفها بمن هي أعلم مني في ذلك الموضوع فتتحمس، تمتلئ شغفًا وحبًا وتخبرني أنها قررت دراسة الفلك لأنها أحبته، أصبحت لا تتوقف عن الحديث عن النجوم، ولا عن النظر دائمًأ إلى الأعلى حيث السماء ناظرة إليها!
وفي وسط ذلك فَهمتُ أن الرحلة لم تكن تخص هذه الفتاة فقط،  فمعها أصبح البحث في العلوم ممتع، أصبحت أرحب بكل تجربة وبالمحاولة، بفعل ما أريد حتى وإن كان ضد التيار، ووجدت شغفي في المعرفة والبحث فأفهم الكثير عن الكون وخالقه
ولم تكن فقط هذه ثمرة الرحلة، لكن كان أهم ما خرجت به هو أنني تعلمت كيف أُحب وكيف أتقبل، فأنا أعيش في مجتمع يصنف الناس إلى أشخاص يمكن التعامل معهم وأشخاص لا، بغض النظر عن كوننا جميعًا بشر نستحق الحب والتقبل والتفهم من أجل أن نصير أفضل!

فهذه الفتاة علمتني الحب وعلمتني أنني أستطيع مهما بلغ الأمر من صعوبة وعلمتني أيضًا أن "على هذه الأرض ما يستحق الحياة   
                                                                                              

إعداد\ شيم يوسف، سمر أسامة
Image may contain: 1 person, smilingImage may contain: 1 person, smiling, standing and outdoor

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق