الخميس، 9 فبراير 2017

خاطرة - رسائل بحر (الرسالة الأولى)

في الربيع...
يأخذني القَدَر إلى ساحل البحر، فلما نظرتُه أحببت زرقته وعشقت صفاءه.
تتحرك يُمناي إلى الماء، حتى أدركتُ طيب ملمسه ورقته واحتواءه.
تابعت الخطى حتى بلغ الماء صدري، وقتها.. تذكرت أنني لا أعرف السباحة، فخشيت على نفسي من أن يدركني الغرق، فاستدرت متأهبًا للرحيل، فناداني البحر: إلى أين تذهب أيها النقي؟!..
قلت: أخشى الغرق، فلا معرفة لي بالسباحة
فقال: لإن طرق الخوف باب قلبك وأنت فيّ، فأجبتَه فبذا تُسئ إليّ
قلت: وكيف أصنع وصفاء ماءك يجذبني..
قال: أحملك وأعلمك كيف السباحة
فأجبته إلى ما أردنا.. وحملني وأخذ يعلمني السباحة شيئًا فشيئًا
وتتابعت الأهلّة تغدو وتجيء، ولا زلت لا أملّ من حديث البحر وسمره وأمواجه الخفيفة التي تداعبني، فأضحك ويضحك البحر ويمتليء الكون سرورًا، وإذا حزنت ثبتني وواساني وأزال بمائه دمعي.
وبعد أن فارقَنا الهلال العشرون، إذا بشيءٍ قد عكّر نقائي، فتعكّر صفوه فاضطرب وهاج وماج ونزع يده التي تحملني، أتيت لأسبح فما استطعت، ملأ جوفي بمِلحه ثم لفظني خارجه.
وأجلس على شاطئه أتذكر كل شيء بيننا، أنظر إليه وينظر إليّ ولا يرى بعضنا بعضًا، يحنّ كل منّا إلى صاحبه، فنبكي ونواري دمعنا، ونتألم ونكتم صوتنا، وتشرد أذهاننا فلا يطيب لأحدنا عَيشه.
ثم أناديه.. (بلا صوت)
إن الشوق أرّقني، إن البُعد أرهقني، إن الموج أغرقني، فلم أستفق من وقتها.
إن المِلح أشقاني، وإن الماء أبقاني على الشاطيء.
أوَ كان قرارُنا خاطيء؟؟!
ءاثرتُ البعد، وإنّي لستُ أنساك
ءاثرتُ البُعد، وإن البُعد فتاك
لست أريد بعد الحين سباحةً.. فقط أن يُسكّن الماء جُرحي
فقط أن يمسّ قدمي ماؤك الرقراق
لا أريد بعد اليوم سباحةً.. فمن ذاق المِلح لا يُغامر
ومن لفظه موجك.. فأنى يُغامر.. وأنى يُقامر

إعداد/ محمد ريان.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق