الأحد، 23 يوليو 2017

خاطرة - انفصام يجب أن يُقبل



 أنتِ طيبة، أنتِ مبهجة، أنتِ طفلة، أنتِ كئيبة، وأنتِ ناضجة عن الحد اللازم!                                         
لطالما ترددت علي مسمعي تلك الكلمات ولطالما أجبتُ في سري" يا الله أيهم أنا حقًا؟، أين أنا من كل هذا وكل هؤلاء؟،  يا الله أعنّي على إيجاد ذاتي يومًا ما"، ولكن بعد مرور بعض الوقت وبعد أن نضجت قليلًا أدركت أن كل هؤلاء هم أنا، كل تلك الشخصيات هم من جعلوني أنا، تلك الشخصيات ما هي إلا جوانب لشخصيتنا الحقيقية. ففي اعتقادي أن لكل منا شخصيات مختلفة أو جوانب عديدة، وقد يتحير بعضنا أحيانًا متسائلًا:"أيهم انا؟" ولكننا ننسى أننا نقابل الكثير؛ الكثير من الأشخاص والكثير من المواقف، ومع كل شخص وكل موقف يتولد عندنا شخصية جديدة أو ربما رد فعل جديد، فحينما نقابل شخصًا جديدًا نظهر إحدى شخصياتنا، أحد جوانبنا، بل أفضلها على الإطلاق لكي نلقى إعجابًا من ذاك الشخص، ولكن ربما حين يقترب ذلك الشخص منا ويرى حقيقتنا يرى جميع الجوانب ويرى الصورة مكتملة، قد يُصدم من حقيقة أننا اختلفنا عما رآه سابقًا، فهل علينا التصنع وإخفاء جوانبنا السيئة لنوجد التقبل في هذا العالم أم علينا إظهار حقيقتنا بلا خوف فينفر أغلب من حولنا؟

في رأيي لا يستطيع أحد أن يكون له رد فعل واحد على كل شيء إذ أن ذلك صعب، لذلك يخرج عقلنا شخصية جديدة مع كل موقف جديد، ويزداد التشتت عندنا فنحاول إعدام أو قتل وإخفاء كل الشخصيات فنصبح حينها جامدين، وحينها يحدث أحد الأمرين: إما أن نرد بفعل داخلنا وهو ما قد يؤدي لأذيتنا أو أذية من حولنا وربما الاثنين معًا. والامر الآخر هو أن ننقسم وننشطر إلى قطع صغيرة ليصبح من الصعب دمجها من جديد فيما يسمى "الانفصام" ، وفي الحالتين يحدث الأمران كآلية دفاع من كل شيء؛ آلية دفاع تجاه من  حولنا، آلية دفاع تجاه ركودنا، جمودنا، كأن كل شيء يجتمع مرة واحدة ليخبرك أنك لا يجب أن تكون راكدًا جامدًا، وأنه عليك أن تتخذ موقفًا، أن يكون لك رد فعل، أنك يجب أن تشعر أنه من الطبيعي أن تكون متعدد ولكن بحذر؛ فعلينا أن ندرك أننا حقًا سعداء أو حقًا بؤساء أو ربما نحن مزيج الاثنين معًا.

ففي فيلم (inside out)
أدركت محركات عقولنا في نهاية الأمر، أنه هناك ذكريات بالإمكان أن تكون ممتزجة بالحزن والسعادة معًا في آن واحد وليس من المفترض أن تتكون من أحدهما فقط، وكذلك الاشخاص فمن الممكن أن نخرج أكثر من شخص في موقف واحد، فحين نقابل شخصًا لأول مرة نظهر شخصية واحدة -جانبًا معينًا- فقد نخرج الشخصية المرحة الذكية رغم أننا قد نكون حقًا لسنا هكذا ولكن عقلنا وطبيعتنا يحاولان مع المستحيل لجعلنا محبوبين.
والأهم من كل هذا أن نعرف أنه حتى عقولنا تكره الركود وأنه علينا أن نُكوِنَ من هم نحن وعلينا ألا نصطنع شخصيات لا وجود لها!

إعداد\ بدور أسامة
Image may contain: 1 person, hat and closeup

هناك تعليقان (2):

  1. حلو ، والأحلى ان الكلام صادق ، وأحلى انو بقلم بدور اسامة اللي متوقعتش أبدا ان كلام زي دا يخرج منها بعد ماشوفتها في الواقع .. عاش وهستنى المقال الجاي

    ردحذف
  2. شكرا خالص لحضرتك�� وي رب دايما تشجيعك كدا��بس معلش هو حضرتك مين

    ردحذف