الأربعاء، 12 يوليو 2017

خاطرة - فوبيا الاختلاف




مستلقيًا على ظهره تحت ظل شجرة التين، يستنشق الآن النسيم محملًا برائحة التين الذكية، يذكره ذلك بالوقت الذي كان يتردد فيه هو وأبوه على تلك الشجرة ويأكلان منها حتى يشبعا أو يتعبا من قطف التين لبعد الأغصان المحملة به.

يستعيد ذكرى أخرى له صغيرًا، ذكرى اختلافه وشعوره بالغربة والغرابة وسط أقرانه، لماذا لا يهتم طفل بمثل ما يهتم به غيره من الاطفال، كان مثلهم فى العمر والحجم ولكن كان داخله مختلفًا كثيرًا؛ فقد كانت له اهتمامات وهوايات مختلفة؛ خيالًا مختلفًا و أحلامًا غريبة.

لم يحب الاختلاف كثيرا؟؛ لا يحب أن يكون مثله أحد -وإن كان أحيانا يتمنى لو يجد من يفهمه أو يشاركه اختلافه-، لا يعلم سر ذلك الكره للتشابه؛ ربما لأنه يحس بالملل من التكرار والتشابه أو لا يرى جمالًا فيهما، وربما كونه مختلفًا عما حوله هو السر وراء حبه للاختلاف؛ لا يهم!

يعود الآن لواقعه ويبتسم؛ فقد كبر و بات يعلم جيدًا أن الاختلاف هو جوهر الحياة؛ خلقنا مختلفون لنميز بعضنا البعض، لكي لا يحتكر أحدنا الجمال دون الآخر، لكي لا يكون لأحد فضل على أحد، لنرى جمال الألوان و لتستمر الحياة، ربما.

وربما قد يكون شعوره بالاختلاف نابعًا من قدرته على رؤيته؛ إذ انه ليس كل الأشخاص لديهم القدرة على ذلك.

منذ فترة قريبة، جال سؤال فى نفسه وربما كان تعجبًا و استنكارًا أكثر من كونه استفهاما؛ لماذا يصر الكثيرون على إزالة وقتل الاختلاف ويحبون ما هو مألوف -ما الجميل أصلًا في الشئ المعروف-؛ وكيف يستطيع مثل هؤلاء أن يروا جمال الألوان أو تستشعر آذانهم جمال الموسيقى أو حتى أن تتراقص أعينهم مع أجنحة الفراشات، ربما يخافون أو يشعرون بالغيرة أو ببساطة لا يمتلكون تلك القدرة؛ لا يهم، فعلى كل هم يفتقدون متعة و جمالًا كثيرين.


يعود ثانية من أفكاره -و لمرة أخيرة-، يقف ويلتقط حبة تين على غصن قريب ويغادر!

إعداد\ محمد حمدان



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق