الخميس، 13 يوليو 2017

قداحة تصنع الظلام



 لغُرفة مظلمة، إلى حد أنهم كانا يتخبطان في محتوياتها، أخرج عود ثقاب وحاول إشعاله، ثم توقف فجأة)
-ما هذا الحظ، نسيت إحضار الشمعة، أتذكر أن هناك  قداحة في الرف المقابل للسرير
(ذهب يتخبط ويعبث بيده)
=ها هي قد وجدتها
(أشعل القداحة وأنارت المكان بشكل بسيط ولكنه يحسب أنه يكفي للغرض)
=هيا لننهي عملنا إذًا
-عملنا!! هنا، كيف في هذه الظلمة؛ أنا بالكاد أرى يدي، لا أدري ما السر في حبك للظلام. أنت لا تحبه فقط أنت مُصر على فرضه علينا حتى ونحن لسنا بحاجة إليه.
=الظلام هو الذي يجب أن يسود، هو الحقيقة التي لامجال للشك فيها، الظلام ماثل في كل شيء من حولك، الظلام متمثل فينا نحن
 (أشار بيده نحو القداحة)
هل كنت سترى نار قداحتك برغم بساطتها لولا وجود الظلام؟!
(كان مثبتًا يده على القداحة أثناء الحديث، وينظر هو الآخر إلى الضوء المتوهج منها، استمرت لحظات صمت بينهما)
-لا أفهم قصدك بتاتًا؟! ولكن أشعر أن لك نظرة مختلفة عني؛ فأنا لا أميل له، بينما أنت لازلت قادر على العيش فيه..
=لا أدري ما سر نظرتكم للظلام، الذي دائمًا ما تفرون منه، تكرهونه، تحدثون أنفسكم بأنه دائمًا السيء الوحيد بينكم، هو رفيقكم في حزنكم ولكن حينما تفرحون تقضون عليه، من تتهمونه بالشر دائمًا، في كل مرة تقف أمام المرآة تحدث ضميرك بأن لا يكون مثله رغم أنه اسوء منه، من تراه فيصبح أقوى مثال ألا تكون مثله. فعلى ما هو عليه أنت تدين له بالكثير.. هو تلك الفكرة السيئة بداخلك..
إبليس الذي آمن بكفره حتى تتقرب أنت من خالقه وتؤمن به. ذاك الذي يبدو مجهولًا بالنسبة لك وأنت تخاف من المجهول فتقرر الابتعاد
الحيوان الذي ولد بأنياب وحب لرائحة الدم..
فتشعر في بعدك عنه بالأمان، هو وَضوء قداحتك يكمل أحدهما الآخر
لولاه لما قدر أحدٌ وجود النور، فأرجوك لا تمقته الآن فقط، كُن ممتنًا له، اشكره كثيرًا، ولا تلعنه
(عاد المكان مظلم من جديد فضحك كأنه انتصر في حرب)
 -فرغت القداحة ماذا سنفعل، كيف سنضيء الغرفة الآن -بسخريه مكملًا حديثه
 -اللعنة عليك وعلى ظلمتك تلك
=لازلت تبحث عن الضوء ياصديقى، ألا يعجبك الظلام

-أنا في الظلام وأبحث عن الضوء، أفضل من أن أستسلم له مثلك.

إعداد\ أمير محمد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق