الثلاثاء، 18 يوليو 2017

خاطرة - في الأمل حياة

                               نتيجة بحث الصور عن صورة فتاة تتأمل أمام البحر ليلا

تسري بنا الحياة بين مزيج من الآهات والشجن، لن ينول منها الجميع الجانب المشرق دائمًا؛ قد نزدهر بمرور الوقت أحيانًا، وأخرى نذبل ونُردم بالأتربة تحت قبضة أزماتها..
أعترف بأن الإنسان لا يصل إلى مبتغاه في جميع الأحيان؛ ولكن هذا لا يضعه تحت بند الفشل! 
الفشل "لقب يساير حياة كثر ويقفز بهم الى قاع ملؤه ظلام دامس لا يشع منه طفيف نور"

طموحاتنا ندرك أن لا مكان لها، تموت قبل إحياء ميلادها، تُداس بقدم الفشل الذي بمثابة الشبح المتلبس أرواحنا، عندما نوضع أمام مشكلات حياتية بشتى الفروق، او نفقد شيئًا لطالما كان شمس الحياة التي لا تنطفئ ولا يحين غروبها أبدا..

فلماذا نأسر ذواتنا داخل زنزانة الحزن ؟!
لماذا لا نحاول جاهدين تثبيت النور بأرواحنا؟!
يقبع الغراب شديد السواد بظهورنا، وكأنه يدفعنا إلى الخوف دائمًا، وكأننا خلقنا تحت رحمته!

في لحظة صفا جلست أمام كورنيش النيل أتفقد شكل البحر وموجاته المتقاذفة اضطرابها بأعماقه، وكأنها تستنجد به كي يحتضن أوجعاها بجوفه الذي يسع أكثر وأكثر..
وانسجام لون السماء مع البحر وتخالطها بجمع من النجوم المتلألئة وعظيمهم القمر الذى يخطف نواظرنا بإضاءته، وكأنهم عالم آخر يُحيي نفسه بنفسه، وينظر من فوق سابع سماء على كوكبنا المعتم، ليعالج بروعته أرواحنا المكسورة .. فأين أنتم في الدنيا أيها المحبطين من إهمال تلك الصورة المستحضرة جميع الجماليات التي تلمس الروح وتورد بداخلها إنسانًا من جديد..
فأخذنى الإنتباه إلى ضحكات طفل لم يتجاوز التاسعة من عمره، يمسك بيداه بالونًا آتيًا على كرسي متحرك وبأعلى صوت يقول مرفرفًا بذراعيه: "كل المفروض مرفوض أثبت للعالم إنك موجود" 
ضحكاته التي تشبع المكان فرحًا والأمل الذي يخرج مع صوته وكأنه يعطي إشارة للنجوم بأن تضئ أكثر فأكثر..
إنه الأمل.. في عز محنته وآلامه يبث النور لما حوله

إذن لماذا هؤلاء البائسين المنعدم جوفهم من الأمل، يتخذون من ظروفهم أسلاك شائكة يصعب تخطيها؟!
لماذا لم يتركوا لأنفسهم حق العيش تحت راية اليقين، وبأنه يومًا ما بمكان ما سيحين الوقت للإشراق والوصول لبؤرة السعادة؟!
ولكنهم يظلوا تاركين أرواحهم تستبد تحت قبضة الأسى، مهمومين، وعلى أتم الاستعداد لتوليد منبع من البؤس مرة آخرة، وكأنهم مصدر لتصديره، جاهلين حقيقته البشعة وإلى أى مسار يأخذهم!!
اليائس هو المفلس الذات، الذي لا هوية ولا موطن له، مادام جوهره متشرد، مفتقد للحياة!
لو أن الإنسان يستجمع قوته الفولاذية باطنيًا وعقليًا قلبًا وقالبًا التي لطالما دفنها فى عالم مسلوب الأحلام، لوجد أن الانتصار بعينه هو حين يزلزل معتقداته الوهمية، مُفرغًا روحه لعمل واحد وهو استنباط السعادة..
الظروف ليست إلا حرب إما أن نتسلح فيها بالصبر والمقدرة على تقطيعها من الجذور، أو أن نبقى مكتوفي الأيدى متقهقرين نعود أدراجنا إلى مقبرة اليأس!

لكل داء دواء والعزيمة يجب أن تحيا، فالتحدي الحقيقي هو أن تكون في الصدارة عندما يتطلب الأمر أن تشارك  في معركة دفن الحزن، واللون الأسود يتواجد كي تظهر بقية الألوان..
إن الحياة مليئة بالمغامرات.. وحس المشاركة.. والمثابرة.. يكمن بها لذة الاستمرار لآخر نفس يبقينا قيد المشاركة فيها..
تخلى عن ذلك المنحدر الذى لا هدي ولا رحمة فيه، يقتل صاحبه حيًا، فمن يكون اليأس لنرتديه؟!
عيب علينا أن نصنع من ذلك اللفظ المهشِم للذات أولوية قيدنا!
فلو علمنا أن في الأمل حياة؛ لمكثنا بثغراتنا مبتهجين غير مباليين لما يحدث أيا كان، فنستقبله بصدر رحب، لعلمنا بيقين الوصول مهما كانت عتمة. 
فخطانا لن تُشل عن السير والدرب لن ينتهي، فما زلنا نحيا بعد؛ فلماذا لا نحيا مستبشرين؟


إعداد\ هاجر إبراهيم

هناك تعليق واحد:

  1. ومازالت بوادر الأمل تترى من " دوشة كتب" التي تتحفنا بين الحين والآخر بكاتبات مبدعات من عمر براعم الزهور اليانعة وكأنها بأقلام من عركوا تجارب الحياة وخبروا شئونها وتلك بادرة أمل من الكاتبة هاجر ، تحتوي بكلماتها من ملأ اليأس قلبه فتنزل عليه بردا وسلاما متمكنة من أدواتها أفكارها متدفقة كأمواج النهر الذي وقفت قبالته ولم يمنعها تفلت اللغة أحيانا من إفراغ معانيها الثرة الرائقة في هذه المقالة التي تفاجئك بانتهائها وأنت تطمع في المزيد.

    ردحذف