الأحد، 6 أغسطس 2017

خاطرة - مرايا الروح

    





قرأت ذات مرة جملة في كتاب تقول: "إن المرايا تخبرنا دائمًا بما نحتاجه .... ". المرآة الزجاجية، تلك الأداة البسيطة، التي لا يكاد بيت يخلو منها، تخبرني دائمًا بما أحتاجه!

حسنًا، فأنا أستيقظ في الصباح، أنظر في المرآة؛ فتخبرني بحاجتي لتنظيف وجهي بالماء لإزالة آثار النوم وتكمل بضرورة تفريش أسناني بالفرشاة والمعجون.
أعتقد أنها قد أخبرتك أكثر من مرة بما تحتاجه؛ ألم تكن من قبل على موعد مهم، حفل زفاف، جنازة، مقابلة عمل أو حتى ذهبت لتستقبل أحدهم في المطار؟، أنت تنظر في المرآة لتتأكد من أن شعرك مصفف جيدًا، أو إذا كنت بحاجة لضبط بنطالك أو قميصك قبل الخروج ومقابلة الناس.

أتذكر أني في إحدى المرات، كنت على موعد مهم، فوقفت أمام المرآة لتصفيف شعري، وللحظة توقفت وانبثق سؤال غريب. لمَ لا أستطيع النظر إلى ما هو أعمق من شكلي الخارجي في المرآة، لمَ ليس هناك مرايا للروح، أنظر خلالها إلى روحي، فتخبرني بما تحتاجه روحي الْيَومَ، أليس علينا العناية بأرواحنا!، ألن تكون العناية بها أسهل لو عرفت ماذا تحتاج؟َ!

تخيل أن معك مرآة لروحك، تستيقظ صباحًا فتنظر فيها وتسأل، ماذا تحتاج روحي الْيَومَ؟، فترد مثلًا بأن روحك تحتاج إلى الهدوء اليوم، لا تخرج من البيت، اغلق هاتفك النقال، جهز فيلمًا هادئًا وكذلك الكثير من الفشار والمقرمشات والصودا، أو اختر روايةً أو كتاباً واستمتع بوقتك، لا تقابل أحدًا من أولئك المجانين المتجولين في الخارج.
في يوم آخر، تخبرك بأنك بحاجة إلى الحب، ارتدِ شيئًا جيدًا، ضع عطرك، اجلس مع جدتك اللطيفة، تحدث معها، واشكو لها ما بك، أو تَمْش مع صديق مقرب لك، واضحك معه كثيرًا، هاتف حبيبتك وأخبرها بأنها جميلة وأنك محظوظ بها. أعتقد بتعدد الوسائل في كل الأحوال.

لكن هل تعتقد -فرضًا- بأنك وإن امتلكت مرآة روحية، سحرية وأخبرتك بما تحتاج، أن بمقدورك تحقيق ذلك؟
أحيانا تقيدنا الكثير من الأمور، فإن كنت بحاجة إلى الهدوء مثلًا، فقد لا تحصل عَلَيْه لأنك مشغول بالإعداد والمذاكرة للامتحانات، وإن كنت بحاجة للحب، فربما غياب جدتك أو مرض والدتك يحول دون حدوث ذلك.

أعتقد أن لأرواحنا طريقتها في التواصل معنا، هي لا تخبرنا بما تحتاجه ولكن هي تحركنا تجاهه مباشرة، وربما لست بحاجة لمرآة روح -إن غابت القيود-، لأنك ستجد نفسك -تلقائيا- تحادث صديقك المقرب عند حاجتك للفضفضة، أو ستجلس وحيدًا لرغبتك في الهدوء. البعض يتجه للقلم والورقة، يكتب ما تبوح به روحه، قد يحتفظ به، وقد لا يحتفظ، ولكن ما يهم أن الروح باحت بما بها.

إبداع\ محمد حمدان


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق